يحرم عند الشافعية نقل الميت من بلد إلى بلد إلا أن يكون بقرب مكة أو
المدينة أو بيت المقدس ، فإنه يجوز النقل إلى إحدى هذه البلاد لشرفها
وفضلها .
( 1 ) كان إخراجه له بعد مضي ستة أشهر على وفاته
ولو أوصى بنقله إلى غير هذه الاماكن الفاضلة لا تنفذ وصيته لما في ذلك من
تأخير دفنه وتعرضه للتغير . ويحرم كذلك نقله من القبر إلا لغرض صحيح ، كأن
دفن من غير غسل ، أو إلى غير القبلة ، أو لحق القبر سيل أو ندوة . قال في
المنهاج : ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة ، كأن دفن بلا غسل
أو في أرض ، أو ثوب مغصوبين ، أو وقع مال ، أو دفن لغير القبلة . وعند
المالكية : يجوز نقله من مكان إلى مكان آخر ، قبل الدفن وبعده لمصلحة ،
كأن يخاف عليه أن يغرقه البحر أو يأكله السبع ، أو لزيارة أهله له ، أو
لدفنه بينهم ، أو رجاء بركته للمكان المنقول إليه ونحو ذلك . فالنقل حينئذ
جائز ما لم تنتهك حرمة الميت بانفجاره أو تغيره أو كسر عظمه . وعند
الاحناف : يكره النقل من بلد إلى بلد ، ويستحب أن يدفن كل في مقبرة البلد
التي مات بها ، ولا بأس بنقله قبل الدفن نحو ميل أو ميلين لان المسافة إلى
المقابر قد تبلغ هذا المقدار ، ويحرم النقل بعد الدفن إلا لعذر كما تقدم .
ولو مات ابن لامرأة ودفن في غير بلدها وهي غائبة ولم تصبر ، وأرادت نقله ،
لاتجاب إلى ذلك . وقالت الحنابلة : يستحب دفن الشهيد حيث قتل . قال أحمد :
أما القتلى ، فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ادفنوا القتلى في مصارعهم "
وروى ابن ماجه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمر بقتلى أحد أن
يردوا إلى مصارعهم . فأما غيرهم فلا ينقل الميت من بلد إلى بلد آخر إلا
لغرض صحيح ، وهذا مذهب الاوزاعي وابن المنذر . قال عبد الله بن ملكيه :
توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبش فحمل إلى مكة فدفن ، فلما قدمت عائشة
أتت قبره . ثم قالت : والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت ، ولو شهدتك ما
زرتك . لان ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغير ، فأما إن كان فيه غرض صحيح
جاز . قال أحمد : ما أعلم بنقل الرجل يموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا .
وسئل الزهري عن ذلك ؟ فقال : قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن